كلام غير معقول .. ؟؟
أحذية وعقول:
نظرت إلى حذائي، كان قد تغبر من كثرة المسير في الطرقات الوعرة، كما تغير لونه من طين الأرض ووحلها ...جلست ألمّعه بصبغة "الكيوي" وفرشاة اشتريتها خصيصاً لهذا الغرض ...أحسست بارتياح بعدما أتممته مسحاًً وتنظيفاً ...تذكرت العقول الصدئة التي عرفتها واضطررت للتعامل معها ثم تساءلت:
كم من أدوات التنظيف نحتاج لنجلو الصدأ عنها .... لتفكر ... وتؤمن بالحقيقة ....؟ لم أجد جواباً ...
اضطررت للعودة إلى الأحذية البالية التي تركتها منذ زمن أرقعها وأمسحها... عادت كأنها قد صنعت للتو ...ما أصعب الجدال على مبدأ "عنزة ولو طارت"
الفكرة البناءة وشعر الحسناء:
الفكرة الجميلة البنّاءة كشعر الحسناء في مفرقها ... تشبع خيال الشعراء، ترتسم كالشلال يغذي الأرض فتخضر... تبدو برونقها وجمالها تماماً كما يرسم الشعراء صورة ذاك الشَّعر منساباً على كتفيها، ذات الفكرة لو طرحت في محافل لا تليق بها ، لا شك ستقتلها ألاعيب روّاد تلك المحافل فتصبح كالشعر المتساقط على الأرض لا قيمة له، نجمعه بأطراف أصابعنا لنلقي به في سلة المهملات ... انظروا ... لقد امتلأت السلال وفرغت قرائح الشعراء...
أترانا نعيش في عصر الرويبضة؟
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنها ستكون سنون خداعات.. يخوّن فيها الأمين ويؤتمن فيها الخائن .. ويكذّب فيها الصادق .. ويصدّق فيها الكاذب .. وينطق فيها الرويبضة .. قالوا وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة" ... أو كما قال عليه الصلاة والسلام ...
أيها الناس:
ألا ترون عقلاء الأرض قد زحزحوا عن مواقعهم... وكممت أفواههم؟ ها هم خطباؤنا الجدد يتشدقون... يعلنون انتصارهم .... ويعلنون موت الحكمة واندثارها... وهاهم خطباؤنا "الرويبضة" يهتفون:
قال الأمير ، ألهمنا الأمير ... سيدنا الأمير ... مولانا الأمير ... ونحن....له .... خدم ... وإن شئتم حمير... انفض السامر وبدأن الحسان يرقصن ... ثم تلا الشاعر بعد دروس في الفصاحة والبلاغة:
نحن بنو العباسي نجلس على الكراسي
حنانيك يا رب... هل من نهاية لعصر الظلمات...؟ هل من مخرج لما نحن فيه... بك وحدك نستعين ...
القابضون على الجمر:
هذا الصباح، وأثناء قيادة سيارتي متجها إلى العمل، نظرت يميناً حينما توقفت عند الإشارة الضوئية ، رأيت سيدة تبدو غاية في الحسن (شقفة قمر)، تلوي عنقها بدلال، و"تكمظ" على سيجارتها برويّة وأعصاب مسترخية، تساءلت في نفسي: لماذا تحرق هذه الحسناء لبّها وقلبها بسيجارة ، ثم قلت: مثل هذه بدلالها وتمايلها وليِّ عنقها تكاد تحرق قلوب آلاف الرجال الذين يمرّون بها ... تذكرت حينئذ مقولة جدّاتنا -الله يرحمهن- "الله ما براجدش حجار على الناس" ، وتأكدت أن العقوبة من نفس العمل ، هي تحرق قلوب آلاف الرجال بطلعتها وحسنها ودلالها فيكون جزاؤها أن تحرق جوفها وروحها "بسيجارة " ... كل ذلك بالتخيير ... لا إكراه البتة...
أيها الرجال لكم الخيار أيضاً ، لا تنظروا إلى محاسنها وحسب ... بل انظروا إلى السيجارة المشتعلة بين شفتيها ... كلها حرائق ... والله المنجي من هذه الفتن...
حينما فرغت من استحضار المشهد ... صرختُ بالسيدة ... يا سيدتي : الشاة تلوي عنقها عند الذبح ... لا تظني ما تفعلينه دلالاً سيجعل منك ملكة على قلوب الرجال ... انظري كم هم الجزارون حولك، ينتظرون أن تهوي أياديهم بسكاكينها على عنقك... إن هذا الدلال والله مقتلك ، وما تحسسهم للّين في عنقك إلا ليجدوا المكان الأكثر ملاءمة وسهولة لحز السكين .... انتبهي ... السكين بشكل وردة ... انتبهي ... هي من صنع إبليس اللعين ...
شر محض حينما تصبح باقات الزهور خناجر ... لا تنظروا إلى الزهور، بل انظروا إلى ما بعد التهادي.... "كل عام وانتي الحب" "كل عام وانتي ذبيحة"
سيدتي: الدين فضيلة، والحجاب حصن وترس يقيك حز السكين... هل تسمعين ... ؟ إياك أن تقبلي تهادي الورود ... كلها في معنى فعل السكين ... احذري ...
ضحكتْ مني اللئيمة حينما أحست بكلماتي ...غمزت ... داست على البنزين ... انتهى اللقاء ... وأسميناه "لقاء عند الإشارة الحمراء"
أما صاحبي "الولي" حينما حدثته بهذا، التقط جمرة ، وضعها في يده ... وصرخ بأعلى صوته .... فلتحترق يدي ليبقى قلبي مضيئاً .... ما أبلغ ما كان من قولك يا نبي الله ..."ها هم أحبابك يقبضون على الجمر".... هنيئاً لهم هذا العذاب...
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر" رواه الترمذي
التميز..
جلستُ في قاعة المحاضرات كغيري من المربين والمعلمين ... كان المحاضر يلقي علينا مما آتاه الله من علم بثقة وانفعال ، وكنت أستمع بشيء من الحذر ...
كعادتي في إجراء التجارب على الحضور والداخلين إلى القاعة قمت بعمل هذه التجربة...
راقبت الباب هذه المرّة –ليس على طريقة المخبرين والحرس السري-، وإنما في محاولة لاستقراء وجوه القادمين... ولغايات أخر...
النتيجة:
غالبية النساء يدخلن القاعة وعيونهن في موضع سجودهن ربما خجلاً ، وربما لسبب آخر أجهله إذ قلّ منّا يفهم المرأة حقيقة ... أما الرجال فيدخلون وعيونهم تصول وتجول، وجباههم مرفوعة ... إنه المجتمع الذكوري ينشئنا على هذه الطباع ... وكل شيء مباح لنا ...
الباب له شقان "ضرفتان"، الذين رايتهم من الحضور دخلوا من الباب الأيمن "الشق الأيمن" ، ربما هذا هو الشيء المعتاد...
الوحيد الذي دخل من الشق الأيسر كان الدكتور الشيخ الحافظ المربي ... فلان ... تيقنت حينئذٍ من حديث للنفس قلت فيه:
"المتميزون لا يسلكون ذات الطريق التي يسلكها معظم الخلق، لهذا هم متميزون....
الدكتور الفاضل: يحمل الدكتوراه في التربية، بعد أن أنهى كل مخصصات الدكتوراه في أحد فروع الهندسة... له باع في التعليم لو قيس بالسنوات لاحتاج ضعف عمره، يحفظ القرآن الكريم جميعه ... أولاده مميزون بعلمهم ودرجاتهم وأخلاقهم... والكثير الكثير... هنيئاً له هذا التميز... بذاته وأسرته وعطائه...
جميل هو التميز أليس كذلك ؟
فليتميز كل منا... ولتتعدد الألوان ... لأن اللون الواحد يبعث على الملل .... لهذا كانت الآية تصور ببلاغة اختلاف أعراقنا " وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا"
كما كانت الآية الأخرى ترينا اختلاف لوننا ولغتنا: "واختلاف ألسنتكم وألوانكم" تفسير إيجابي للاختلاف ...
حالة تميز وإعجاز إلهي.... لكن كلنا في النهاية "أمة واحدة"، وكلنا إنسان ...
التميز ... ليس أن لا نكون كالآخرين فقط ، بل أن نجعل هذا التميز في خدمتهم ورفع شأنهم ... لهذا أنت متميز يا مسلم مادمت ملتزماً بإسلامك... أخلاقك ... وإنسانيتك.
بقيت عبارة تحتاج إلى تفسير ....
قال أحدهم مخاطباً ........ : "لا شيء يشغلني عنك إلا أنت" من يفسر هذه العبارة بمقصودها يكون قد أصاب عين الحقيقة....
الموضوع : كلام غير معقول .. ؟؟ المصدر : مسجد الهدي المحمدي الكاتب: محب لله ورسوله توقيع العضو/ه :محب لله ورسوله |
|