البـــــــطــــــــل لازم تشوفه

10/08/2009

البـــــــطــــــــل

يحكى الشيخ
عبد الرحمن العريفى فى احد كتبه ويقول: لم يكن أبو عبد الله يختلف كثيرا
عن بقية اصدقائى..لكنه –والله يشهد- كان احرصهم على الخير

له عدة نشاطات دعوية من ابرزها ما يقوم به اثناء عمله .. فهو يعمل مترجما فى معهد الصم البكم

اتصل بى يوما وقال : ما رأيك أن أحضر إلى مسجدك اثنين من منسوبى معهد الصم لالقاء كلمة على المصلين
تعجبت!!! وقلت: صم يلقون كلمة على الناطقين؟؟؟
قال: نعم .. وليكن مجيئنا يوم الأحد ..
انتظرت يوم الأحد بفارغ الصبر .. وجاء الموعد
وقفت عند باب المسجد انتظر.. فإذا بأبى عبد الله يقبل بسيارته
وقف قريبا من الباب..نزل ومعه رجلان.. أحدهما كان يمشى بجانبه... والثانى قد أمسكه ابو عبد الله يقوده بيده
نظرت الى الاول فاذا هو اصم ابكم.. لا
يسمع ولا يتكلم لكنه يرى.. والثانى أصم .. أبكم .. أعمى لا يسمع ولا يتكلم
ولا يرى مددت يدى وصافحت أبا عبد الله

كان الذى عن يمينه –وعلمت بعدها ان اسمه احمد- ينظر الى مبتسما فمددت يدى اليه مصافحا

فقال لى ابو عبد الله – واشار الى الاعمى- :

سلم ايضا على فايز.. قلت السلام عليكم فايز
فقال ابو عبد الله امسك يده هو لا يسمعك ولا يراك
جعلت يدى فى يده فشدنى وهز يدى

دخل الجميع
المسجد وبعد الصلاة جلس ابو عبد الله على الكرسى وعن يمينه احمد وعن يساره
فايز كان الناس ينظرون مندهشين .. لم يتعودوا ان يجلس على كرسى المحاضرات
اصم .. التفت ابو عبد الله الى احمد واشار اليه

فبدا احمد يشير بيديه والناس ينظرون .. لم يفهموا شيئا
فاشرت الى ابى عبد الله .. فاقترب الى مكبر الصوت وقال:
احمد يحكى لكم قصة هدايته ويقول لكم:
ولدت اصم ونشات فى جدة وكان اهلى يهملوننى ولا يلتفتون لى وكنت ارى الناس
يذهبون الى المسجد ولا ادرى لماذا! ارى ابى احيانا يفرش سجادته ويركع
ويسجد ولا ادرى ماذا يفعل
واذا سالت اهلى عن شىء .. احتقرونى ولم يجيبوننى
ثم سكت ابو عبد الله والتفت الى احمد واشار له
فواصل احمد حديثه .. واخذ يشير بيديه .. ثم تغير وجهه وكانه تاثر .. خفض ابو عبد الله راسه ثم بكى احمد .. واجهش بالبكاء

تاثر كثير من
الناس.. لا يدرون لماذا يبكى .. واصل حديثه واشاراته بتاثر ثم توقف ..
فقال ابو عبدالله : احمد يحكى لكم الان فترة التحول فى حياته .. وكيف انه
عرف الله والصلاة بفضل الله ثم بسبب شخص فى الشارع عطف عليه وعلمه .. وكيف
انه لما بدا يصلى شعر بقدر قربه من الله .. وتخيل الاجر العظيم لبلائه ..
وكيف انه ذاق حلاوة الايمان

ومضى ابو عبد
الله يحكى لنا بقية قصة احمد .. كان اكثر الناس مشدودين ومتاثرين .. لكنى
كنت منشغلا انظر الى احمد تارة والى فايز تارة اخرى واقول فى نفسى هاهو
احمد يرى ويعرف لغة الاشارة وابو عبد الله يتفاهم معه بالاشارة.. ترى كيف سيتفاهم مع فايز وهو لايرى ولا يسمع ولا يتكلم؟؟؟

انتهى احمد من كلمته ومضى يمسح بقايا دموعه

التفت ابو عبد الله الى فايز .. قلت فى نفسى ماذا سيفعل؟؟؟
ضرب ابو عبد الله باصبعه على ركبة فايز .. فانطلق فايز كالسهم .. والقى كلمة مؤثرة .. اتدرون كيف قالها؟؟؟؟

بالكلام؟؟؟ كلا .. فهو ابكم لا يتكلم
بالاشارة؟؟؟ كلا فهو اعمى لم يتعلم لغة الاشارة

القى
الكلمة باللمس .. نعم باللمس.. يجعل ابو عبد الله ( المترجم) يده بين يدى
فايز فيلمسه فايز لمسات معينة .. يفهم منها المترجم مراده .. ثم يمضى يحكى
لنا مافهمه من فايز وقد يستغرق ذلك ربع ساعة وفايز ساكن هادىء لا يدرى هل
انتهى المترجم ام لا .. لانه لا يسمع ولا يرى
فاذا انتهى المترجم من كلامه .. ضرب ركبة فايز .. فيمد فايز يديه فيضع المترجم يده بين يديه ثم يلمس فايز للمسات اخر

ظل الناس يتنقلون باعينهم بين فايز والمترجم .. بين عجب تارة واعجاب اخرى

وجعل فايز يحث الناس على التوبة .. كان احيانا يمسك اذنيه واحيانا لسانه واحيانا يضع كفيه على عينيه

فاذا هو يحث الناس بحفظ الاسماع والابصار عن الحرااااام

كنت انظر
الى الناس فارى بعضهم يتمتم : سبحان الله وبعضهم يهمس للذى بجانبه وبعضهم
يتابع بشغف وبعضهم يبكى .. أما انا فقد ذهبت بعيييييييدا

أخذت
أقارن بين قدراته وقدراتهم .. ثم أقارن بين خدمته للدين وخدمتهم .. الهم
الذى يحمله رجل اعمى اصم ابكم .. لعله يعدل الهم الذى يحمله هؤلاء جميعا
رجل
محدوووود القدرات لكنه يحترق فى سبيل خدمة هذا الدين... يشعر انه جندى من
جنود الاسلام .. مسئول عن كل عاص ومقصر .. كان يحرك يديه بحرقة .. ويقول
يا تارك الصلاة الى متى؟؟؟؟؟ يا مطلق البصر فى الحرام الى متى؟؟؟؟ يا
واقعا فى الفواحش ..يا آكلا للحرام..بل يا واقعا فى الشرك ..كلكم الى
متى؟؟؟؟؟؟؟

اما يكفى حرب الاعداء لديننا ؟؟؟؟؟؟؟ فتحاربونه انتم ايضا!!!!! كان المسكين يتلون وجهه ويعتصر ليستطيع اخراج ما فى صدره.. تأثر الناس كثيرا.. لم التفت اليهم ..لكنى سمعت بكاء وتسبيحات ..انتهى فايز وقام يمسك ابو عبد الله بيده .. تزاحم الناس عليه يسلمون
كنت اراه يسلم على الناس..واحس انه يشعر ان الناس عنده سواسية
يسلم على الجميع لا يفرق بين ملك
ومملوك ورئيس ومرؤوس وامير ومامور يسلم على الاغنياء والفقراء والشرفاء
والوضعاء والجميع عنده سواء .. كنت اقول فى نفسى ليت بعض النفعيين مثلك
يا فايز
اخذ ابو عبد الله بيد فايز ومضى به خارجا من المسجد
اخذت امشى بجانبهما وهما متوجهان للسيارة .. والمترجم وفايز يتمازحان فى سعادة غامرة

مااااااااا أحقر الدنيا ..كم من احد لم يصب بربع مصابك يافايز ولم يستطع ان ينتصر على الضيق والحزن

اين اصحاب
الامراض المزمنة .. فشل كلوى..شلل..جلطات..سكرى..اعاقات..لماذا لا
يستمتعون بحياتهم..ويتكيفون مع واقعهم؟؟؟؟..ما اجمل ان يبتلى الله عبده ثم
ينظر الى قلبه فيراه شاكرا راضيا محتسبا

مرت الايام ولا تزال صورة فايز مرسومة امام عينى
التقيت بابى عبد الله بعدها فسالته عن فايز
فقال:هذا الرجل له اعاجيب.. قلت: كيف؟؟؟
قال: فى حياتى لم ار احرص على الصلاة من فايز

فايز من
منطقة خارج الرياض ..وقد جعلنا له غرفه صغيرة فى معهد الصم يسكن فيها..
ووكلنا احد العمال يهتم به .. يطبخ طعامه ويوقظه للصلاة
كان العامل ياتى اليه عند كل صلاة يفتح
الباب ويحركه.. فيقوم فايز ويتوضأ,, وينتظر فى الاسفل عند باب المعهد
لياخذ العامل بيده الى الصلاة

أحيانا يتاخر العامل..فيضرب فايز الباب يستعجله..فاذا تاخر العامل وخااااف
فايز فوات الصلاة مشى الى المسجد..وبينه وبين المسجد شارعان
متواجهان..يمشى وهو يلوح بيديه لاجل ان يراه اصحاب السيارات فلا يصدموه

فى احدى المرات جئت الى المعهد عصرا فاذا بمجموعة من الصم ينتظرونى عند باب المعهد .. ويشيرون بان فايز عنده مشكلة

اقبلت الى فايز ..فلما رايته فاذا هو غضباااان.. قد القى غترته جانبا ويشير بيديه والصم لا يفهمونه
فلما وضعت يدى فى يده ..عرفنى فشد يدى وجعل يلمسنى لمسات معينة ثم لمسته مثلها وسكن غضبه.. تدرى ما الذى اغضبه؟؟؟؟؟ [b]فى فجر ذلك اليوم.. فاتته الصلاة مع الجمااااعة

وكان يدافع عبراته ويقول اريد عامل آخر وانا اسكن من غضبه.. فرحم الله فايز ورحمنا

فما
بالنا نحن الاصحاااااااء بفضل الله لا نسرع الى الصلاة والى عبادة الله
..فلنعتبر من فايز ذات الهمة العالية بالرغم مما فيه ونسجد شكراااا للبارى
على ما نحن فيه فالحمد لله الذى عافانا مما ابتلى به غيرنا وفضلنا على
كثير مما خلق تفضيلا .. فهلا ادينا شكر هذه النعم ولهجت السننا بذكر الله
وحمده جل فى علاه على ما نحن فيه من نعم

قال تعالى: {قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ }الملك23

قل لهم يا
محمد- صلى الله عليه وسلم -: الله هو الذي أوجدكم من العدم, وجعل لكم
السمع لتسمعوا به, والأبصار لتبصروا بها, والقلوب لتعقلوا بها, قليلا ما
تؤدون شكر هذه النعم لربكم الذي أنعم بها عليكم.

فهيا تلهج قلوبنا قبل السنتنا بحمد الله ونقول: اللهم اجعلنا من الشاكرين الحامدين يارب العالمين

اللهم لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك ..اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد اذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى

يعاتبنا الله جل فى علاه ويقول:

{يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ
اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا
مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ
قَلِيلٌ }التوبة38

يا أيها
الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، ما بالكم إذا قيل لكم: اخرجوا
إلى الجهاد في سبيل الله لقتال أعدائكم تكاسلتم ولزمتم مساكنكم؟؟؟؟ هل
آثرتم حظوظكم الدنيوية على نعيم الآخرة؟؟؟؟؟ فما تستمتعون به في الدنيا
قليل زائل, أما نعيم الآخرة الذي أعده الله للمؤمنين المجاهدين فكثير دائم.

فلناخذ على
هذا القياس عندما يؤذن المؤذن ويقول حى على الصلاة ..حى على
الفلااااااااح..والكل جالس مكانه وربنا ينادينا من فوق سبع سماوات ونحن فى
ثـــُبااااات فى حين اذا نادى علينا احد اصدقائنا لنذهب للتنزه او لامر
دنيوى نسااارع وننطلق وهكذا فى معظم العبادات – الا من رحم ربى- فلنحرص
على آخرتنا كما نحرص على دنيانا..قال تعالى: (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى(

وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضى وتقبل منا جميعا صالح الاعمال وجمعنا فى الفردوس الاعلى

الموضوع : البـــــــطــــــــل لازم تشوفه المصدر : مسجد الهدي المحمدي الكاتب: أحلى حياة
توقيع العضو/ه :أحلى حياة

عضو جديد عدد المساهمات : 684

يا سبحان الله
ونحن لا ندعو الى الله

البـــــــطــــــــل لازم تشوفه 158703

الموضوع : البـــــــطــــــــل لازم تشوفه المصدر : مسجد الهدي المحمدي الكاتب: زهرة المدائن
توقيع العضو/ه :زهرة المدائن

البـــــــطــــــــل لازم تشوفه

البـــــــطــــــــل لازم تشوفه

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة