إن
الحياء خلق يبعث على فعل كل مليح وترك كل قبيح، فهو من صفات النفس
المحمودة.. وهو رأس مكارم الأخلاق، وزينة الإيمان، وشعار الإسلام؛ كما في
الحديث: "إن لكل دين خُلقًا، وخُلُقُ الإسلام الحياء". فالحياء دليل على
الخير، وهو المخُبْر عن السلامة، والمجير من الذم.
قال وهب بن منبه: الإيمان عريان، ولباسه التقوى، وزينته الحياء.
وقيل أيضًا: من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه.
حياؤك فاحفظه عليك فإنما.......يدلُّ على فضل الكريم حياؤه
إذا قلَّ ماء الوجه قلَّ حيـاؤه.......ولا خير في وجهٍ إذا قلَّ ماؤه
ونظرًا
لما للحياء من مزايا وفضائل؛ فقد أمر الشرع بالتخلق به وحث عليه، بل جعله
من الإيمان، ففي الصحيحين: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان
بضعٌ وسبعون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن
الطريق، والحياء شعبة من الإيمان".
وفي الحديث أيضًا: "الحياء والإيمان قرنا جميعًا، فإذا رفع أحدهما رفع الآخر".
والسر في كون الحياء من الإيمان: أن كلاًّ منهما داعٍ إلى الخير مقرب منه، صارف عن الشر مبعدٌ عنه، وصدق القائل:
وربَّ قبيحةٍ ما حال بيني.......وبين ركوبها إلا الحياءُ
وإذا
رأيت في الناس جرأةً وبذاءةً وفحشًا، فاعلم أن من أعظم أسبابه فقدان
الحياء، قال صلى الله عليه وسلم: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة
الأولى: إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت".
وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
إذا لم تخـش عـاقبة الليـالي.......ولم تستحِ فاصنع ما تشاءُ
يعيش المرء ما استحيا بخير.......ويبقى العود ما بقي اللحاءُ
الموضوع : حقيقة الحياء المصدر : مسجد الهدي المحمدي الكاتب: aya