فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }هود112
تفسير
فاستقم) على العمل بأمر ربك والدعاء إليه (كما أمرت) وليستقم (ومن تاب) آمن (معك ولا تطغوا) تجاوزوا حدود الله (إنه بما تعملون بصير) فيجازيكم
للهم صل على محمد وعلى ال محمد الطيبيم الطاهرين
السلام عليكم
من اذنب وتاب قد يحصل على العفو ولكن تبقى مفاعيل الذنب باقية الى ان يغفر الله له
كما ان من اذنب وتاب وقبلت توبته يبقى اثر ذلك الذنب على نفسه . ان الله ارحم من العبد على نفسه لذلك فتح لنا ابواب رحمته التي وسعت كل شيء ومن ابواب تلك الرحمة الربانية التوبة التي لا يغلق بابها . هناك أبواب متعددة للعفو قد لا يكون للعبد يدٌ مباشرة فيها منها استغفار الملائكة للذين آمنوا. (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا
أن التائب اما يتوب عن المعاصي كلها ويستقيم على التوبة إلى آخر عمره، فيتدارك ما فرط، ولا يعود إلى ذنوبه، ولا يصدر عنه معصية إلا الزلات التي لا يخلو عنها غير المعصومين، وهذه التوبة هي التوبة النصوح، والنفس التي صاحبها هي النفس المطمئنة التي ترجع إلى ربها راضية مرضية، أو يتوب عن كبائر المعاصي والفواحش ويستقيم على امهات الطاعات، إلا أنه ليس ينفك عن ذنوب تصدر عنه في مجاري أحواله غفلة وسهوة وهفوة، لا عن محض العمد وتجريد القصد، وإذا أقدم على ذنب لام نفسه وندم وتأسف وجدد عزمه على ألا يعود إلى مثله، ويشمر للاحتراز عن أسبابه التي تؤدي إليه، والنفس التي هذه مرتبتها هي النفس اللوامة التي خيرها يغلب على شرها، ولها حسن الوعد من الله تعالى بقوله (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة ).
ورد عن امير المؤمنين عليه السلام :
(ترك الذنب أهون من طلب التوبة)
لذلك فإن افضل طرق تهذيب النفس و تزكيتها هو عدم التلوث بالمعاصي ولكن لو حصل أن ابتلي الإنسان بالمعاصي و الذنوب نتيجة لضعفٍ في نفسه أو لتأثير التربية السيئة أو البيئة المحيطة فيه، فلا بدّ من المسارعة إلى طلب التوبة والرجوع عن الذنوب والانابة إلى الله تعالى و قد حثت الآيات و الروايات على أهمية التوبة واغتنام الفرص التي أتاحها الله أمام الانسان قال تعالى يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يُكفّر عنكم سيئاتكم و يدخلكم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار ، يوم لا يخزي الله النبي و الذين آمنوا معه ، نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا و اغفر لنا إنك على كل شئ قدير
ترك الذنب اهون من طلب التوبة :
روي ان كان عابد في بني اسرائيل لم يكسب من امر الدنيا شيئا ، فنخر ابليس نخرة فاجتمع اليه جنوده ، فقال : من لي بفلان ؟ فقال بعضهم : انا ، فقال : من اين تأتيه ؟ فقال : من ناحية النساء ، قال لست له ، لم يجرب النساء.
فقال له آخر : فانا له ، قال : من اين تأتيه ؟ قال من ناحية الشراب واللذات ، قال لست له ، ليس هذا بهذا.
قال آخر : فانا له ، قال : من اين تاتيه ، قال : من ناحية البر ، قال : انطلق فانت صاحبه.
فانطلق الى موضع الرجل فاقام حذاءه يصلي ، قال : وكان الرجل ينام والشيطان لا ينام ، ويستريح والشيطان لا يستريح ، فتحول اليه الرجل وقد تعاصرت اليه نفسه واستصغر عمله.
فقال الرجل : يا عبد الله بأي شيء قويت على هذه الصلاة ؟ فلم يجبه ، ثم اعاد عليه فلم يجبه ، ثم اعاد عليه فقال : يا عبد الله اني اذنبت ذنبا وانا تائب منه ، فاذا ذكرت الذنب قويت على الصلاة.
قال : فاخبرني بذنبك حتى اعمله واتوب ، فاذا فعلته قويت على الصلاة.
قال : ادخل المدينة فسل عن فلانة البغية فاعطها درهمين ونل منها ، قال :
ومن اين لي درهمين ؟ ما ادري ما الدرهمان ، فتناول الشيطان من تحت قدمه درهمين فناوله اياهما.
فقام الرجل العابد فدخل المدينة بجلابيبه يسأل عن منزل فلانة البغية ، فارشده الناس ، وظنوا انه جاء يعظها ، فارشدوه فجاء اليها فرمى اليها بالدرهمين وقال : قومي ، فقامت فدخلت منزلها ، وقالت : ادخل ، وقالت : انك جئتني في هيئة ليس يؤتي مثلي في مثلها ، فاخبرني بخبرك ، فاخبرها.
فقالت له : يا عبد الله ان ترك الذنب اهون من طلب التوبة ، وليس كل من طلب التوبة وجدها ، وانما ينبغي ان يكون هذا شيطانا مثل بك ، فانصرف فانك لا ترى شيئا ، فانصرف ...
وماتت ـ المرأة ـ من ليلتها ، فاصبحت فاذا على بابها مكتوب : احضروا فلانة فانها من اهل الجنة.
فارتاب الناس فمكثوا ثلاثا لا يدفنوها ارتيابا في امرها ، فأوحى الله عزوجل الى نبي من الانبياء لا اعلمه الا موسى بن عمران عليه السلام :
انت ائت فلانة فصل عليها ، ومر الناس ان يصلوا عليها ، فاني قد غفرت لها ، واوجبت لها الجنة بتثبيطها عبدي فلانا عن معصيتي (2).
قال الصادق المصدوق
فدته الروح
صلوات ربي وسلامه
عليه :
"ما تركت على أمتي أشد فتنة على الرجال من النساء"
الموضوع : فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ المصدر : مسجد الهدي المحمدي الكاتب: سعيدعبدالله توقيع العضو/ه :سعيدعبدالله |
|