عيسى علية السلام الجزء الخامس
قصة هذا التردد:
إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ
يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ
عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن
كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا
وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ
عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ
اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا
عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ
خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ
فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا
لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ
استجاب الله عز وجل، لكنه حذّرهم من الكفر
بعد هذه الآية التي جاءت تلبية لطلبهم. نزلت المائدة، وأكل الحواريون منها،
وظلوا على إيمانهم وتصديقهم لعيسى –عليه السلام- إلا رجل واحد كفر بعد
رفع عيسى عليه السلام.
لما بدأ الناس يتحدثون عن معجزات عيسى عليه
السلام، خاف رهبان اليهود أن يتبع الناس الدين الجديد فيضيع سلطانهم. فذهبوا
لمَلك تلك المناطق وكان تابعا للروم. وقالوا له أن عيسى يزعم أنه مَلك
اليهود، وسيأخذ المُلك منك. فخاف المَلك وأمر بالبحث عن عيسى –عليه السلام-
ليقتله.
جاءت روايات كثيرة جدا عن رفع عيسى –عليه
السلام- إلى السماء، معظمها من الإسرائيليات أو نقلا عن الإنجيل.
وسنشير إلى أرجح رواية هنا.
عندما بلغ عيسى عليه السلام أنهم يريدون قتله،
خرج على أصحابه وسألهم من منهم مستعد أن يلقي الله عليه شبهه فيصلب بدلا
منه ويكون معه في الجنة. فقام شاب، فحنّ عليه عيسى عليه السلام لأنه لا يزال
شابا. فسألهم مرة ثانية، فقام نفس الشاب. فنزل عليه شبه عيسى عليه
السلام، ورفع الله عيسى أمام أعين الحواريين إلى السماء. وجاء اليهود
وأخذوا الشبه وقتلوه ثم صلبوه. ثم أمسك اليهود الحواريين فكفر واحد منهم.
ثم أطلقوهم خشية أن يغضب الناس. فظل الحواريون يدعون بالسر. وظل النصارى
على التوحيد أكثر من مئتين سنة. ثم آمن أحد ملوك الروم واسمه قسطنطين،
وأدخل الشركيات في دين النصارى.
يقول ابن عباس: افترق النصارى ثلاث فرق.
فقالت طائفة: كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء. وقالت طائفة: كان فينا
ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه. وقلت طائفة: كان فينا عبد الله
ورسوله ما شاء ثم رفعه الله إليه. فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم
يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا –صلى الله عليه وسلم- فذلك قول الله
تعالى:
فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا
عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ
وقال تعالى عن رفعه:
وَقَولِهِم إِنا قَتَلنَا المَسِيحَ
عِيسَى ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا
صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبهَ لَهُم وَإِن الذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَك منهُ مَا لَهُم بِهِ مِن عِلمٍ إِلا اتبَاعَ الظن
وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَل رفَعَهُ اللهُ
إِلَيهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158)
وَإِن من أَهلِ الكِتَابِ إِلا لَيُؤمِنَن بِهِ قَبلَ مَوتِهِ وَيَومَ
القِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيهِم شَهِيداً
لا يزال عيسى –عليه السلام- حيا. ويدل على ذلك
أحاديث صحيحة كثيرة. والحديث الجامع لها في مسند الإمام أحمد:
حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يحيى، عن ابن
أبي عروبة قال: ثنا قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة،: (عن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى،
وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وأنه
نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، سبط كأن
رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل بين ممصرتين، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع
الجزية، و يعطل الملل حتى يهلك الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام،
ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال الكذاب، وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع
الإبل مع الأسد جميعاً، والنمور مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان
بالحيات لا يضر بعضهم بعضاً، فيمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يتوفى، فيصلي عليه
المسلمون و يدفنونه.)
(مربوع) ليس بالطويل وليس بالقصير، (إلى
الحمرة والبياض) وجهه أبيض فيه احمرار، (سبط) شعره ناعم، (ممصرتين) عصاتين
أو منارتين وفي الحديث الآخر ينزل عند المنارة البيضاء من مسجد دمشق.
وفي الحديث الصحيح الآخر يحدد لنا رسولنا
الكريم مدة مكوثه في الأرض فيقول: (فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى، و يصلي عليه
المسلمون).
لا بد أن يذوق الإنسان الموت. عيسى لم يمت
وإنما رفع إلى السماء، لذلك سيذوق الموت في نهاية الزمان.
ويخبرنا المولى عز وجل بحوار لم يقع بعد، هو
حواره مع عيسى عليه السلام يوم القيامة فيقول:
وَإِذ قَالَ اللهُ يا عِيسَى
ابنَ مَريَمَ أَءنتَ قُلتَ لِلناسِ اتخِذُونِي وَأُميَ إِلَـهَينِ مِن
دُونِ اللهِ قَالَ سُبحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَن أَقُولَ مَا لَيسَ لِي
بِحَق إِن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد عَلِمتَهُ تَعلَمُ مَا فِى نَفسِي وَلاَ
أَعلَمُ مَا فِى نَفسِكَ إِنكَ أَنتَ عَلامُ الغُيُوبِ (116) مَا
قُلتُ لَهُم إِلا مَا أَمَرتَنِي بِهِ أَنِ اعبُدُوا اللهَ رَبي وَرَبكُم
وَكُنتُ عَلَيهِم شَهِيداً ما دُمتُ فِيهِم فَلَما تَوَفيتَنِي كُنتَ أَنتَ
الرقِيبَ عَلَيهِم وَأَنتَ عَلَى كُل شَىء شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذبهُم فَإِنهُم
عِبَادُكَ وَإِن تَغفِر لَهُم فَإِنكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ
هذا هو عيسى بن مريم عليه السلام، آخر الرسل
قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
الموضوع : شخصية الأسبوع الشخصية الخامسة عشر المصدر : مسجد الهدي المحمدي الكاتب: على حسن عبد الهادى توقيع العضو/ه :على حسن عبد الهادى |
|