الحمد الله رب العالمين ونصلي ونسلم على خير الخلق أجمعين، نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم، أحمده تعالى الذي جعل الدنيا متاعاً وخير متاعها المرأة الصالحة، أما بعد،
بكرر تانى يا جماعة
الهدف من الحلقات دى ان شاء الله مش سرد تاريخ فقط . لا وانما القدوة والعظات والعبر للجميع بوجه عام وفى عالم النساء بوجه خاص البنات الحلوينفإن تاريخ النساء الصالحات لا ينسى، بل هو متواصل ومثمر، على مر الأزمان والسنين، ومن هؤلاء النساء ، صحابية جليلة، عالمة، عاقلة، صابرة، متعبدة، صاحبة بصيرة في تأويل الرؤيا، لقبت بصاحبة الهجرتين، حيث إنها أول من هاجرت إلى الحبشة وتلتها إلى المدينة المنورة، حصلت على وسام الإيمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال:-
"
الأخوات الأربع مؤمنات:- ميمونة، و أم الفضل، وسلمى، و أسماء".يمكنك أن تعد ورائي على أصابع يدك عدد المناقب والصفات التي حازتها امرأة واحدة لتعرف كم كانت شخصية فوق العادة، وأبدأ الآن بالعد:هاجرت الهجرتين،
وصلت الى القبلتين،
وتزوجت من خليفتين
، وتزوجت من أخين،
وهي زوج الشهيدين،
وهي أم المحمدين،
وهي أخت اثنتين من أمهات المؤمنين
، فهي أكرم الناس أصهاراً،
ويكفيها أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم، وعمه حمزة، وعمه العباس رضي الله عنهما من أصهارها،
فهي أخت أم المؤمنين: زينب بنت خزيمة أم المساكين، وأم المؤمنين: ميمونة بنت الحارث آخر من تزوجهن النبي،
وهي أخت أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب،
وأخت سلمى زوجة سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب،
ومن شقيقاتها، العصماء أم خالد بن الوليد رضي الله عنه.
تريد الآن أن تعرف من هي؟هي أسماء بنت عميس بن معد بن الحارث بن تيمبن كعب بن مالك بن قحافة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن معاوية بن زيد بن مالك بن بشر بن وهب الله الخثعمية، من خثعم، وأمها هند بنت عوف بنزهير بن الحارث بن كنانة.
هجرتها المزدوجة:أسلمت أسماء بنت عميس قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بمكة، وهاجرت إلى أرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب، وهاجرت معه إلى المدينة المنورة سنة سبع هجرية، وكان ناس من الناس يقولون لمن هاجروا إلى المدينة من الحبشة: نحن سبقناكم بالهجرة، فأحزن هذا أسماء بنت عميس، ومن كانوا معها، ودخلت يوماً على حفصة بنت عمر بن الخطاب زوج النبي صلى الله عليه وسلم زائرة، فدخل عمر على حفصة وأسماء عندها، فقال عمر حين رأى أسماء: من هذه؟، قالت: أسماء بنت عميس،قال عمر: آلحبشية هذه؟، آلبحرية هذه؟، فقالت أسماء: نعم، فقال عمر: سبقناكم بالهجرة، فنحن أحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم، فغضبت، وقالت: كلا والله، كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم، ويعظ جاهلكم، وكنا في أرض البعداء، البغضاء في الحبشة، وذلك في الله، وفي رسوله، وأيم الله لا أطعم طعاماً، ولا أشرب شراباً، حتى أذكر ما قلت لرسول الله، ونحن كنا نؤذى ونخاف، وسأذكر ذلك لرسول الله وأسأله، ووالله لا أكذب، ولا أزيغ، ولا أزيد على ذلك، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا نبي الله إن عمر قال كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وسلم: ليس بأحق بي منكم، وله ولأصحابه هجرة واحدة، ولكم أنتم أهل السفينة هجرتان)، تقول أسماء: فلقد رأيت أصحاب السفينة يأتوني أرسالاًَ يسألوني عن هذا الحديث، ما من الدنيا شيء هم به أفرح، ولا أعظم في أنفسهم، مما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.كانت شخصية ايجابية، تتحرك حباً في الله ولدينه ولرسوله، وطلباً للعلم، ويروى أنها لما رجعت من الحبشة مع زوجها جعفر ابن أبي طالب دخلت على نساء النبي فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن؟ قيل: لا، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار، قال: ومم ذلِك؟، قالت: لأنهن لا يُذكرن بالخير كما يُذكر الرجال، فأنزل الله هذه الآية
إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً).الزوجة الصالحة:تزوجت أسماء من ثلاثة كلهم أخيار، فكانت أولاً تزوجت من جعفر بن أبى طالب رضي الله عنه، وهاجرت معه إلى أرض الحبشة، وعادت معه من الحبشة إلى المدينة سنة سبع، فكانت لهم هجرتان، وقتل جعفر بغزوة مؤتة شهيداً في جمادي الأولى سنة ثمان من الهجرة،
وتزوجها أبو بكر الصديق رضي الله عنه في يوم حنين، ومات عنها، د
ثم خلف عليها الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومات عنها وعاشت بعده، وولدت لجعفر ثلاثة أبناء هم: عبد الله، وعون، ومحمد، وولدت لأبى بكر محمد، ولدته في حجة الوداع، وولدت لعلي يحيى، فهم جميعاً إخوة لأم. لم يكد ينقضي عام على مقامها مع زوجها جعفر بن أبي طالب في المدينة المنورة حتى استشهد في غزوة مؤتة، وقد أحست بقلبها أن شيئاً قد جرى لزوجها حين دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:يا أسماء أين بنو جعفر؟، تقول: فجئت بهم إليه، فضمهم وشمّهم ثم ذرفت عيناه فبكى، فقلت: أيرسول الله لعله بلغك عن جعفر شيء، قال: نعم، قُتل اليوم، قالت: فقمت أصيح، فاجتمع إليَّ النساء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا أسماء لا تقولي هجراً، ولا تضربي صدراً، قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل على ابنته فاطمة وهي تقول: واعماه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: على مثل جعفر فلتبك الباكية، ثم قال: اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم.
وبعد عام زوج النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر أسماء بنت عميس، وذلك يوم حنين، وفي الصحيح أنه لما تزوج أبو بكر رضي الله عنه أسماء بعد جعفر بن أبي طالب، فأقبل يوماً داخلاً عليها فإذانفر من بني هاشم جلوس في بيته، فكره ذلك، ووجد في نفسه، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وقال: لم أر إلا خيراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد برأها من ذلك، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال لا يدخلن رجل، بعد يومي هذا، على مغيبة، إلا ومعه رجل أو اثنان)، قال عبد الله بن عمر : فمادخلت بعد ذلك العام على مغيبة إلا ومعي واحد أو اثنان.
وفي حجة الوداع خرج أبو بكرحاجاً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة، تقول أسماء وخرجنا معه، حتى إذا أتى ذا الحليفة،ولدت أسماء بنت عميس محمد ابن أبي بكر، واحتاجت أن ترسل الى النبي صلى الله عليه وسلم تسأله ماذا تفعل؟، فأتى أبو بكر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمرها أن تغتسل، ثم تهل بالحج، وتصنع ما يصنع الناس، إلا أنها لا تطوف بالبيت.
توفي الصديق عنها بعد قرابة أربع سنوات من زواجه منها، وقد أوصى لما حضره الموت أن تغسله، فغسلته، وتزوجت بعده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد تفاخر في حضوره ابناها وقد كانا في كنفه: محمد بن أبي بكر، ومحمد بن جعفر، فقال كل منهما: أنا أكرم منك، وأبي خير من أبيك، فقال علي لأمهم: اقض بينهما، قالت: ما رأيت شاباً من العرب خيراً من جعفر، ولا رأيت كهلاً خيراً من أبي بكر، فقال علي: ما تركت لنا شيئاً، ولو قلت غير الذي قلتِ لمقتك، قالت: إنّ ثلاثة أنت أخسهم لأخيار.
وفاتها:ظلت رضي الله عنها على مستوى المسؤولية التي وضعت لأجلها، زوجة لخليفة المسلمين، وكانت على قدر هذه المسؤولية لما كانت تمر عليها من الأحداث الجسام، حتى جاء على مسمعها مقتل ولدها محمد بن أبي بكر، فتلوت من الحزن والألم عليه، فعكفت في مصلاها، وحبست دمعها وحزنها، ، وتمر الأيام، والأحداث، حتى فجعت بمقتل زوجها الخليفة علي بن أبي طالب- كرم الله وجهه- فلم تعد قادرة على احتمال المصائب والأوجاع، حتى وقعت صريعة المرض، تتلوى من شدة الألم على فراق أزواجها الصحابة الطاهرين، وولدها محمد بن أبي بكر، وفاضت روحها إلى السماوات العلى، فرضي الله عنهاالخلاصة والنتائج التي استخلصت من الشخصية:-1- قوة الإيمان بالله ورسوله واستشهد بذلك موقفها العظيم من خلال هجرتها من مكة إلى الحبشة، فراراً بدينها، وذلك يعد مرتبة من مراتب الإيمان، ومن ثم هجرتها إلى المدينة، حيث واصلت جهدها وعذابها، شوقاً إلى لقاء رسول الله- صلى الله عليه وسلم.
2- زوجة مخلصة وفية مع أزواجها الطاهرين، حيث كانت مجاهدة، مكافحة، صابرة على الشدائد وعلى مستوى العظمة التي تجلت في أزواجها الطاهرين، وسيدة فاضلة، تؤدي حق الزوجية دون ما تفريط أو إهمال أو انتقاص. (
حلوة للبنات دى)3- يشهد لها بالخلق الكريم، والمعدن الأصيل وعمق الإيمان الذي شهد به الرسول- صلى الله عليه وسلم- والأكثر تحملا واحتمالاً ووعياً وإدراكاً للمسؤولية.
4- حسن تنشئتها لأبنائها ورعايتها الصالحة لهم من غير تمييز بينهم، فهي أسمى صورة للمرأة المسلمة وللزوجة المؤمنة، وللأم الصالحة، التي تعطي دروساً لفتيات اليوم على تعاقب الزمن وتفاوت الأيام. (
ودى كمان)
المصادر1- كتاب صحابيات حول رسول الله صلي الله عليه وسلم للشيخ (محمود المصري حفظه الله ورعاه)
2- نساء حول الرسول صلى الله عليه وسلم (نساء حول الرسول صلى الله عليه وسلم)
3- نساء حول الرسول (محمد علي قطب)