شخصية
الأسبوع
الشخصية
الثانية والعشرون
الجزء الثالث
خالد بن الوليد قائدًا
لعل فن الحرب لم يعرف قائدًا تتمثل في أعماله كل مواصفات القيادي الناجح
مثل خالد بن الوليد، فقد برع في خوض المعارك، وتصميم
الانتصارات، ووضع الاستراتيجيات العسكرية التي تجلب له
النصر بأيسر الطرق، فمنذ جاهليته وفي عملياته الأولى، برز تفوقه في استراتيجية "الهجوم غير المباشر"، وذلك في موقعة
أُحد، عندما هجم على
مؤخرة جيش المسلمين، بعد أن استغل غياب
الرماة.
ويمكن بعد ذلك استعراض كل أعمال خالد بن الوليد t،
حيث تظهر عمليات خالد على شكل مسيرات
طويلة للوصول إلى مؤخرات قوات العدو أو مجنباته، وقد عبَّر
خالد عن هذه الاستراتيجية عند حديثه مع دليله رافع بن
عميرة، إذ قال له: "كيف لي بطريق أخرج فيه من وراء جموع الروم، فإني إن استقبلتها حبستني عن غياث المسلمين؟" وقد اضطر خالد t في
موقعتين حاسمتين مجابهة أعدائه، كانت الأولى في حروب الردة في "موقعة اليمامة"، والأخرى في "موقعة اليرموك"، ولكن مع
ذلك فقد بقي هدف خالد
الدائم البحث عن وسيلة لضرب مؤخرة العدو.
كما امتاز خالد بن الوليد
t بحرصه على الانطلاق من قاعدة قوية ومأمونة،
كذلك حرص خالد بن الوليد t على بناء المجتمع الجديد بارزًا في فتوحاته، فهو لا يتعامل من
منطلق كونه قائدًا عسكريًّا فحسب، وإنما هو ينشر دعوة الله، ويبلغ رسالة
الإسلام إلى شعوب الأرض التي يفتحها، فلما وقف في "الحيرة" في
مجتمع النصارى العرب، كان حريصًا على اجتذابهم
والإحسان إليهم وتأليف قلوبهم، وكان يقول لهم: "لكم ما لنا،
وعليكم ما علينا".
خالد بن الوليد والغيرة على دين الله ورسوله
فعن أبي سعيد الخدري t قال: بعث علي بن أبي طالب t إلى رسول الله من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها. قال: فقسمها
بين أربعة نفر بين عيينة بن بدر وأقرع بن حابس وزيد الخيل، والرابع إما
علقمة وإما عامر بن الطفيل؛ فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من
هؤلاء. قال: فبلغ
ذلك النبي ، فقال:
"ألا تأمنونني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحًا ومساء".
قال: فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كثّ اللحية، محلوق الرأس مشمر الإزار فقال: يا رسول الله، اتقِ الله. قال:
"ويلك! أوَ
لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟!"
قال: ثم ولَّى الرجل، قال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟
قال: "لا، لعله أن يكون يصلي". فقال خالد بن الوليد t: وكم من
مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه. قال رسول الله :
"إني لم أُومَرْ أن أنقب قلوب الناس ولا أشق
بطونهم". قال: ثم نظر إليه وهو مُقَفٍّ فقال:
"إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبًا لا يجاوز
حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".
وفاة خالد بن الوليد
لما حضرت خالد بن الوليد
t الوفاة قال: "لقد طلبت
القتل فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي، وما من عمل أرجى من لا إله إلا الله وأنا متتَرِّس بها". ثم قال: "إذا أنا مت
فانظروا سلاحي وفرسي،
فاجعلوه عُدَّة في سبيل الله". وقد
تُوفِّي خالد بحمص في (18 من رمضان
21هـ/ 20 من أغسطس 642م).
والى لقاء قادم أستودعكم الله
الموضوع : شخصية الأسبوع الشخصية الثانية والعشرون المصدر : مسجد الهدي المحمدي الكاتب: على حسن عبد الهادى توقيع العضو/ه :على حسن عبد الهادى |
|