شخصية الأسبوع
الشخصية الخامسة والعشرون
يحيى عليه
السلام
نبذة :
ابن نبي الله زكريا، ولد استجابة
لدعاء زكريا لله أن يرزقه الذرية الصالحة فجعل آية مولده أن لا يكلم الناس ثلاث ليال
سويا، وقد كان يحيى نبيا وحصورا ومن الصالحين ، كما كان
بارا تقيا ورعا منذ صباه.
سيرته:
ذكر خبر ولادة يحيى عليه السلام في
قصة نبي الله زكريا. وقد شهد الحق عز وجل له
أنه لم يجعل له من قبل شبيها ولا مثيلا، وهو النبي الذي قال الحق عنه: (وَحَنَانًا مِّن
لَّدُنَّا)..
ومثلما أوتي الخضر علما من لدن الله،
أوتي يحيي حنانا من لدن الله، والعلم
مفهوم، والحنان هو العلم الشمولي الذي يشيع في نسيجه حب عميق للكائنات ورحمة بها، كأن الحنان
درجة من درجات الحب الذي ينبع من العلم.
ولقد كان يحيي في الأنبياء نموذجا لا
مثيل له في النسك والزهد والحب
الإلهي.. هو النبي الناسك. كان يضيء حبا لكل الكائنات، وأحبه الناس وأحبته الطيور والوحوش والصحاري
والجبال، ثم أهدرت دمه كلمة حق قالها في بلاط ملك ظالم،
بشأن أمر يتصل براقصة بغي.
فضل يحيى عليه السلام:
يذكر العلماء فضل يحيي ويوردون لذلك
أمثلة كثيرة. كان يحيي معاصرا لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابن خالة أمه)..
وتروي السنة أن يحيي وعيسى التقيا
يوما.
فقال عيسى ليحيي: استغفر لي يا
يحيي.. أنت خير مني.
قال يحيي: استغفر لي يا عيسى. أنت
خير مني.
قال عيسى: بل أنت خير مني.. سلمت على
نفسي وسلم الله عليك.
تشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم
الله عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
ويقال إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم خرج على أصحابه يوما فوجدهم
يتذاكرون فضل الأنبياء.
قال قائل: موسى كليم الله.
وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته.
وقال قائل: إبراهيم خليل الله.
ومضى الصحابة يتحدثون عن الأنبياء،
فتدخل الرسول عليه الصلاة والسلام
حين رآهم لا يذكرون يحيي. أين الشهيد ابن الشهيد؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب. أين يحيي بن
زكريا؟
نشأته:
ولد يحيي عليه السلام.. كان ميلاده
معجزة.. فقد جاء لأبيه زكريا بعد عمر طال حتى يئس الشيخ من الذرية.. وجاء بعد
دعوة نقية تحرك بها قلب النبي زكريا.
ولد يحيي عليه السلام فجاءت طفولته
غريبة عن دنيا الأطفال.. كان
معظم الأطفال يمارسون اللهو، أما هو فكان جادا طوال الوقت.. كان بعض الأطفال يتسلى بتعذيب
الحيوانات، وكان يحيي يطعم الحيوانات والطيور من طعامه
رحمة بها، وحنانا عليها، ويبقى هو بغير طعام.. أو يأكل من
أوراق الشجر أو ثمارها.
وكلما كبر يحيي في السن زاد النور في
وجهه وامتلأ قلبه بالحكمة وحب
الله والمعرفة والسلام. وكان يحيي يحب القراءة، وكان يقرأ في العلم من طفولته.. فلما صار صبيا
نادته رحمة ربه: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ
وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا).
صدر الأمر ليحيي وهو صبي أن يأخذ
الكتاب بقوة، بمعنى أن يدرس الكتاب بإحكام، كتاب الشريعة.. رزقه الله الإقبال على
معرفة الشريعة والقضاء بين الناس وهو صبي.. كان أعلم
الناس وأشدهم حكمة في
زمانه درس الشريعة دراسة كاملة، ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي.. كان يحكم بين الناس،
ويبين لهم أسرار الدين، ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من
طريق الخطأ.
وكبر يحيي فزاد علمه، وزادت رحمته،
وزاد حنانه بوالديه، والناس،
والمخلوقات، والطيور، والأشجار.. حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة.. كان يدعو الناس إلى التوبة من
الذنوب، وكان يدعو الله لهم.. ولم يكن هناك إنسان يكره
يحيي أو يتمنى له الضرر. كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه
وعلمه وفضله.. ثم زاد يحيي على ذلك بالتنسك.
وكان يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم
إلى الله أبكاهم من الحب والخشوع..
وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهد الله..
وجاء صباح خرج فيه يحيي على الناس..
امتلأ المسجد بالناس، ووقف يحيي بن
زكريا وبدأ يتحدث.. قال: إن الله عز وجل أمرني بكلمات أعمل بها، وآمركم أن تعملوا بها.. أن تعبدوا
الله وحده بلا شريك.. فمن أشرك بالله وعبد غيره فهو مثل
عبد اشتراه سيده فراح يعمل ويؤدي ثمن عمله لسيد غير سيده.. أيكم يحب أن يكون عبده كذلك..؟ وآمركم بالصلاة لأن الله
ينظر إلى عبده وهو يصلي، ما لم يلتفت عن صلاته.. فإذا
صليتم فاخشعوا.. وآمركم بالصيام.. فان مثل ذلك كمثل رجل
معه صرة من مسك جميل الرائحة، كلما سار هذا الرجل فاحت
منه رائحة المسك
المعطر. وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا، فان مثل ذلك كمثل رجل طلبه أعداؤه فأسرع لحصن حصين فأغلقه
عليه.. وأعظم الحصون ذكر الله.. ولا نجاة بغير هذا الحصن.
مواجهة الملك:
كان أحد ملوك ذلك الزمان طاغية ضيق
العقل غبي القلب يستبد برأيه، وكان الفساد منتشرا في بلاطه.. وكان يسمع أنباء
متفرقة عن يحيي فيدهش لأن الناس يحبون أحدا بهذا القدر،
وهو ملك ورغم ذلك لا يحبه أحد.
وكان الملك يريد الزواج من ابنة
أخيه، حيث أعجبه جمالها، وهي أيضا طمعت بالملك، وشجعتها أمها على ذلك. وكانوا
يعلمون أن هذا حرام في دينهم. فأرد الملك أن يأخذ الإذن
من يحيى عليه
السلام. فذهبوا يستفتون يحيى ويغرونه بالأموال ليستثني الملك.
لم يكن لدى الفتاة أي حرج من الزواج
بالحرام، فلقد كانت بغيّ فاجرة.
لكن يحيى عليه السلام أعلن أمام الناس تحريم زواج البنت من عمّها. حتى يعلم الناس –إن فعلها الملك- أن
هذا انحراف. فغضب الملك وأسقط في يده، فامتنع عن الزواج.
لكن الفتاة كانت لا تزال طامعة في
الملك. وفي إحدى الليالي الفاجرة أخذت البنت تغني وترقص فأرادها الملك لنفسهن فأبت
وقالت: إلا أن تتزوجني. قال: كيف أتزوجك وقد نهانا يحيى. قالت: ائتني برأس يحيى مهرا لي. وأغرته إغراء شديدا فأمر
في حينه بإحضار رأس يحيى له.
فذهب الجنود ودخلوا على يحيى وهو
يصلي في المحراب. وقتلوه، وقدموا رأسه على صحن للملك، فقدّم الصحن إلى هذه البغيّ
وتزوجها بالحرام.
يحيى(عليه السلام)
يحيى -عليه السلام- نبي من أنبياء
بني إسرائيل، ظهرت آية الله وقدرته فيه حين خلقه، حيث كان أبوه نبي الله زكريا -عليه السلام- شيخًا كبيرًا، وكانت أمه عاقرًا لا تلد،
وكان يحيى -عليه السلام- محبًّا للعلم والمعرفة منذ صغره،
وقد أمره الله تعالى بأن يأخذ التوراة بجد واجتهاد،
فاستوعبها وحفظها وعمل بما فيها، والتزم بأوامر الله
سبحانه وابتعد عن نواهيه، قال تعالى: {يا يحيى خذ الكتاب
بقوة وآتيناه الحكم صبيًّا} [مريم: 12].
وقد ابتعد يحيى عن لهو الأطفال،
فيحكى أنه كان يسير وهو صغير إذ أقبل على بعض الأطفال وهم يلعبون فقالوا له: يا
يحيى تعال معنا نلعب؛ فرد عليهم
يحيى -عليه السلام- ردًّا بليغًا
فقال: ما للعب خلقنا، وإنما خلقنا
لعبادة
الله، وكان يحيى متواضعًا شديد
الحنان والشفقة والرحمة وخاصة تجاه والديه، فقد كان مثالاً للبر والرحمة والعطف
بهما، قال تعالى عن يحيى: {وحنانًا من لدنَّا وزكاة وكان
تقيًّا . وبرًّا بوالديه ولم يكن جبارًا عصيًّا} [مريم:13-14].
وحمل يحيى لواء الدعوة مع أبيه، وكان
مباركًا يدعو الناس إلى نور
التوحيد ليخرجهم من ظلمات الكفر
والضلال إلى نور الإسلام، وكان شديد الحرص على أن ينصح قومه ويعظهم بالبعد عن
الانحرافات التى كانت سائدة حين ذاك، وذات يوم جمع يحيى
بني إسرائيل في بيت المقدس ثم صعد المنبر، وأخذ يخطب في
الناس، فقال: (إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن،
وآمركم أن تعملوا بهن.. أولهنَّ أن تعبدوا الله ولا
تشركوا به شيئًا، فإن
مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدًا من خالص ماله بذهب أو ورق (فضة) فقال: هذه
داري، وهذا عملي فاعمل وأد إليَّ،
فكان يعمل ويؤدي إلى غير سيده، فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك ؟!
وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم،
فلا تلتفتوا، فإن الله ينصب وجهه
لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت، وآمركم بالصيام، فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك،
فكلهم يعجب أو يعجبه ريحها، وإن ريح الصائم أطيب عند الله -تعالى- من ريح المسك، وآمركم بالصدقة فإن مثل ذلك كمثل
رجل أسره العدو، فأوثقوا يده إلى عنقه، وقدموه ليضربوا
عنقه، فقال: أنا أفديه منكم بالقليل والكثير، ففدى نفسه
منهم، وآمركم أن تذكروا الله، فإن
مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره
سراعًا، حتى إذا أتى على حصن حصين،
فأحرز نفسه منهم، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا
بذكر الله) [الترمذي].
وكان يحيى يحب العزلة والانفراد
بنفسه فكان كثيرًا ما يذهب إلى البراري والصحاري، ليعبد الله عز وجل فيها وحده، وروي
أن يحيى -عليه السلام- لم يأت بخطيئة قطُّ، ولم يقبل على
ذنب أبدًا، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (لا ينبغي لأحد أن يقول أنا
خير من يحيى بن زكريا ما هم بخطيئة ولا عملها) [أحمد] ولقد رأى النبي -صلى الله
عليه وسلم- يحيى -عليه السلام- ليلة المعراج في السماء
الثانية يجلس مع عيسى بن مريم، يقول صلى الله عليه وسلم:
(.... ثم صعد حتى أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل من
هذا؟ قال: جبريل..
قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم.. فلما خلصت إذا بيحيى وعيسى وهما ابنا
خالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت فردَّا، ثم
قالا: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح) [البخاري] وروي
أنه مات قتيلاً على يد بني إسرائيل.
وإلى
لقاء آخر ،،،،،،،،،،،،،،،،، أستودعكم الله
الموضوع : شخصية الأسبوع الشخصية الخامسة والعشرون المصدر : مسجد الهدي المحمدي الكاتب: على حسن عبد الهادى توقيع العضو/ه :على حسن عبد الهادى |
|