أبي بن كعب بن قيس بن عُبيد النجّار
ورعه وتقواه
قالأبي بن كعب :( يا رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- إني أكثر الصلاة عليك ،فكم أجعل لك في صلاتي
؟) قال :( ما شئت ، وإن زدت فهو خيرٌ ) قال :( الرُّبـع ؟) قال :( ما
شئـت ، وإن زدت فهو خيرٌ ) قال :( أجعلُ النصـف ؟قال :( ما شئـت ، وإن
زدت فهو خيرٌ ) قال :( الثلثيـن ؟) قال :( ما شئـت، وإن زدت
فهو خيرٌ ) قال :( اجعـل لك صلاتي كلّها ؟) قال :( إذاً تُكفـىهمَّك ويُغفَر ذنبُك ) وبعد انتقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- الى الرفيق الأعلى ، ظل أبي
على عهده في عبادته وقوة دينه ،
وكاندوما يذكر المسلمين بأيام الرسول -صلى الله
عليه وسلم- ويقول :( لقد كنامع الرسول -صلى الله
عليه وسلم- ووجوهنا واحدة ، فلما فارقنا اختلفتوجوهنا يمينا وشمالا )
وعن الدنيا يتحدث ويقول :( ان طعام ابن آدم
، قد ضرب للدنيا مثلا ، فان ملحه وقذحه فانظر الى ماذا يصير ؟)
وحيناتسعت الدولة الاسلامية
ورأى المسلمين يجاملون ولاتهم ، أرسل كلماتهالمنذرة:( هلكوا ورب
الكعبة ، هلكوا وأهلكوا ، أما اني لا آسى عليهم ،ولكن آسى على من يهلكون
من المسلمين ) وكان أكثر ما يخشاه هو أن يأتي علىالمسلمين يوما يصير بأس
أبنائهم بينهم شديد .
وقعة الجابية
شهدأبـي بن كعـب مع عمـر
بن الخطاب وقعة الجابيـة ، وقد خطـب عمـر بالجابيةفقال :( أيها الناس من
كان يريـد أن يسأل عن القرآن فليأتِ أبـيَّ بن كعـب
الدعوة المجابة
عنابن عباس -رضي الله
عنه- قال : قال عمر بن الخطاب :( اخرجوا بنا إلى أرضقومنا ) قال : فخرجنا فكنت أنا وأبي بن كعب
في مؤخَّر الناس ، فهاجت سحابة، فقال أبيُّ :( اللهم اصرف عنّا أذاها )
فلحقناهم وقد ابتلّت رحالهم ،فقال عمر :( أمَا
أصابكم الذي أصابنا ؟) قلت :( إن أبا المنذر دعا اللهعزّ وجلّ أن يصرف عنّا أذاها ) فقال
عمر :( ألا دعوتُمْ لنا معكم ؟!) .
الوصية
قالرجلٌ لأبي بن كعب :(
أوصني يا أبا المنذر )قال :( لا تعترض فيما لا يعنيك، واعتزل
عدوَّك ، واحترس من صديقك ، ولا تغبطنَّ حيّاً إلا بما تغبطه بهميتاً ، ولا تطلب حاجةً إلى مَنْ لا يُبالي
ألا يقضيها لك
مرضه
عنعبـد اللـه بن أبي
نُصير قال : عُدْنا أبي بن كعـب في مرضه ، فسمع المناديبالأذان فقال :( الإقامة هذه أو الأذان ؟)
قلنا :( الإقامـة ) فقال :( ماتنتظرون ؟ ألا تنهضون
إلى الصلاة ؟) فقلنا :( ما بنا إلا مكانك ) قال :( فلا تفعلوا قوموا ، إن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى بنا صلاة الفجر، فلمّا سلّم أقبل على القوم بوجهه فقال :(
أشاهدٌ فلان ؟ أشاهدٌ فلان ؟) حتى دعا بثلاثة كلهم في
منازلهم لم يحضروا الصلاة فقال :( إن أثقل الصلاةعلى المنافقين صلاة
الفجر والعشاء ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولوحَبْواً ، واعلم أنّ
صلاتك مع رجلٍ أفضل من صلاتك وحدك ، وإن صلاتك معرجلين أفضل من صلاتك مع
رجل ، وما أكثرتم فو أحب إلى الله ، وإن الصفّالمقدم على مثل صف
الملائكة ، ولو يعلمون فضيلته لابتدروه ، ألا وإن صلاةالجماعة تفضل على صلاة الرجل وحدَه أربعاً
وعشرين أو خمساً وعشرين ) قالالرسول -صلى الله عليه
وسلم- :( ما مِنْ شيءٍ يصيب المؤمن في جسده إلاكفَّر الله عنه به من
الذنوب ) فقال أبي بن كعب :( اللهم إنّي أسألك أن لاتزال الحُمّى مُضارِعةً لجسدِ أبيٌ بن كعب
حتى يلقاك ، لايمنعه من صيامولا صلاة ولا حجّ ولا
عُمرة ولا جهاد في سبيلك ) فارتكبته الحمى فلماتفارقه حتى مات ، وكان
في ذلك يشهد الصلوات ويصوم ويحج ويعتمر ويغزو
وفاته
توفـي -رضي اللـه عنه- سنة ( 30هـ ) ، يقول عُتيّ
السعـديّ : قدمت المدينة فييـوم ريحٍ وغُبْـرةٍ ،
وإذا الناس يموج بعضهم في بعـض ، فقلت :( ما لي أرىالناس يموج بعضهم في
بعض ؟) فقالـوا :( أما أنـت من أهل هذا البلـد ؟) قلت :( لا ) قالوا :( مات اليـوم سيد المسلمين ،
أبيّ بن كعب ).