أخي.... أختي.....
ابحث عن قلبك .. لتنهض بأمتك !!
--------------------------
لو سُئِـل أحدنا : كم مرة تغسل قلبك في اليوم ؟ لاستغرب ولدهش من السؤال ، ولتلعثم ولم يعرف بماذا يجيب !! ولو سئل : كم مرة تغتسل أو تستحم ؟ لأجاب على الفور دون تلعثم ، ذلك أن الاغتسال والتنظف الخارجي للبدن أمر طبيعي ومألوف في حياتنا ، ولكننا لم نألف أن نعنى بنظافة وطهارة قلوبنا من أدرانها .
نحن يا إخوة نحرص على نظافة أجسامنا الخارجية ، ولكننا لا نحسن الوضوء !! أتدرون لماذا ؟ لأننا لا نحرص على الطهارة الباطنية !! .
قلبك الذي بين جنبيك، ما وضعه ، وكيف حاله ؟ أهو حيّ ، أم ميت خرب ؟ أهو عامر بالإيمان الحقيقي ، أم أن الأمراض قد فتكت به وأهلكته ؟. إن القلب الطاهر النقي التقي ، هو ذلك القلب الخالي من الحقد والبغض والغل والرياء والحسد والضغائن وسوء الظن ، هو ذلك القلب المستريح من تلك الحرب الضروس التي يشعلها البعض في قلبه حسدا وحقدا على إخوانه لسبب دنيوي تافه ، لا يستطيع معه أن ينام الليل , أن يهدأ فكره بالنهار ، فهو يفكر دائما بالانتقام .
عن عبد الله بن عمرو، قال : قيل : يا رسول الله ، أي الناس أفضل ؟ قال :
" كل مخموم القلب ، صدوق اللسان . قالوا : صدوق اللسان نعرفه ، فما مخموم القلب ؟ قال : التقي النقي ، لا إثم فيه ، ولا بغي ، ولا غل ، ولا حسد " .
فكيف حال قلبك أنت ؟ إن كان قلبك ميتا ، فخالط من قلبه حي ، فشتان بين أقوام موتى تحيا القلوب بذكرهم ،
وبين أقوام أحياء تموت القلوب بمخالطتهم
قال لقمان لابنه : يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك ، فإن الله يحيي القلوب بنور الحكمة كما يحيي الأرض بوابل القطر .
القلب يا إخوة ، محطة توليد الطاقة في الجسم ، أو قل : هو مفتاح التشغيل ، فإن كان سليما ، عملت باقي أعضاء الجسم بكفاءة، وإن أصابه خلل ، اختلّت آليات الإرسال والاستقبال في الجسم وأصابها التشويش ، القلب هو تماما – كما قال عليه الصلاة والسلام – تلك المضغة التي إن صلحت صلح الجسد كله ، وإن فسدت فسد الجسد كله ، قاال عليه الصلاة والسلام :
"إن في ابن آدم مضغة إذا صلحت صلح سائر جسده ، وإذا فسدت فسد سائر جسده ، ألا وهي القلب "
. وصف رائع وبليغ ، كيف لا ، وقد أوتي جوامع الكلم ، بأبي هو وأمي .. عليه الصلاة والسلام.
هذا ينقلنا للحديث عن قضية هامة وخطيرة، وهي أننا نستمع للقرآن ، ونحضر حلق العلم ، ونسمع المحاضرات ، ونقرأ الكتب ، ولكن .. أين نفع هذا كله ؟ لماذا لا نتأثر ؟ لماذا لا تتهذب أخلاقنا ويتغير سلوكنا ؟ أين الخلل ، وما السبب في ذلك ؟ ، السبب هو أننا لم نتربَّ حقيقة التربية الإيمانيّة ، لم يأخذ القلب حظه من الرعاية والعناية ، فالقلب يحتاج كما قلنا إلى غسيل باستمرار ، لتطهيره وتنقيته من تلك الآفات التي ذكرناها آنفا
ليعمل بكفاءة في الاستقبال والإرسال .
أمراض القلوب التي ذكرناها آنفا، لها علاقة وطيدة بحال أمتنا اليوم ، تداعت علينا الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها ، أصبحنا غثاء كغثاء السيل ، أصبحنا لقمة سائغة وفريسة سهلة في أيدي أعدائنا ،
ثم نقول : من أين هذا ؟ { قل هو من عند أنفسكم }
نعم ، ضعفنا وهزيمتنا وهواننا على الناس بسبب أمراض قلوبنا ، وما أدت إليه من انشقاق صفنا وتمزق وحدتنا ، أصبح بأسنا بيننا شديد ، بينما الأصل أن نكون أشداء على الكفار ، رحماء بيننا ، ولكننا قلبنا الآية ، وكم منطق فيه الحقيقة تقلب .
لماذا يسيء أحدنا الظن بأخيه ؟ التمس لأخيك العذر ، فإن لم تجد له عذرا فقل : لعل له عذرا لا أعلمه ، وإلا فاتهم قلبك وقل : يا قلب ما أقساك !! . ثم لماذا يحسد بعضنا البعض ، ويحقد بعضنا على بعض ؟ ! أليس همنا واحد ، أليس كل واحد منا على ثغر من ثغور الإسلام ؟ أنت أيها المسلم على ثغر من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبلك ، فأنت إن زللت زللت معك ، وزللنا جميعا ، فنحن مشبوكوا الأيدي في صف واحد، لإعلاء بنيان واحد ، فإن عثر أحدنا ، نهضنا جميعا لنقيل عثرته ، حفاظا على سلامة البنيان من الانهيار بسقوط الواحد تلو الآخر ، وإن زل أحدنا ، ساعدناه على النهوض مرة أخرى ، لا أن نكون أعوانا للشيطان ولنفسه عليه !! ، فمن مصلحتنا جميعا أن يساعد بعضنا البعض لنبقى أقوياء ، فبهذا تعلو الهمم وتسمو وترتقي .
سأل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يوما عن رجل يعرفه ، فقالوا له : إنه خارج المدينة يتابع الشراب ، فكتب له عمر يقول : إنني أحمد إليك الله الذي لا إله غيره ، غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب . فلم يزل الرجل يردد كتاب عمر وهو يبكي .. حتى صحت توبته . ولما بلغ عمر ، قال : هكذا فاصنعوا ، إذا رأيتم أخاكم زل زلة فسددوه ووفقوه وادعوا الله أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه .
بعد هذا ، أنجرؤ ونقول : قم يا صلاح الدين أنقذ أمتنا مما هي فيه ؟َ! أعجزت الأمهات حقا وعقمت أن تنجب اليوم كصلاح الدين ؟ ! لماذا لا نأخذ بالأسباب التي أخذ بها صلاح الدين عندما حرر الأقصى ؟ فلله سُنة في كونه ، ولله سُنة في عباده ، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
الأمر جد خطير كما ترون ، فلابد من إحياء القلوب ،
وإصلاح ذات البين ، لتوحيد الصفوف لننهض من جديد.
منقـــولــــ .. لوقفة مع النفس لتنقية القلب
اللهم اجعلنا من الذين يقولون فيعملون .. ويعملون فيخلصون
ويخلصون فعندك يـُقبلون